دخل دخل الإسكندر مصر وتوج ملكاً عليها بلا عناء بعد أن رشا ملك الفرس، تقبلة الشعب المصري وذلك عن طريق معبد الوحي في سيوة حيث أعنلوه إبن الإله آمون.... رأى الإسكندر الأكبر موقع قرية راقوتيس حيث يحدها البحر من الشمال وبحيرة مريوط من الجنوب وأمر بتشيديها لتكون عاصمة لمملكته وبالفعل تم بناء المدينة وأطلق عليها الإسكندرية نسبة إلى أسمه......وكان ذلك في 332 ق.م
بعد وفاة الإسكندر الأكبر 323ق.م و انقسام امبراطوريته بين قادته الى ممالك مستقلة ، نشأت بينهم منافسة محمومة ، اذ أراد كل واحد منهم ان تكون مملكته هي الأعظم و الأقوى و كذلك الأكثر رقيا في العلم و الثقافة .
و من أبرز من خاض في هذا المضمار ، البطالمة في مصر ، و السلوقيون في سوريا و أسرة أتالوس في برغامون – مملكة برجامة - ، فقد حاولوا تحقيق ذلك السبق في مجال العلم و الثقافة عن طريق تأسيس المكتبات و مراكز البحث العلمي و الجمنازيوم (النوادي الثقافية التي يتعلم فيها الأولاد) في عواصم دولهم ، و هي على الترتيب الإسكندرية ثم انطاكية ثم برغامون .
و تدريجيا وجدنا ظاهرة المكتبة العامة معلما أساسيا في معظم المدن الهلينستية ، كبيرها و صغيرها ، حتى أن مؤرخا مثل (بوليبيوس) في القرن الثاني ق.م افترض وجودها أمرا مؤلوفا ، كما يتضح من عبارته الساخرة : " انه من اليسير على أي شخص أن يكتب بالنقل من الكتب اذا ما قام في مدينة مزودة بوفرة من الوثائق و مكتبة " .
هذا القول يصدق على الشرق الهيلينستي ، أما في غرب البحر المتوسط فقد كان الأمر مختلفا ، جيث تأخر تأسيس مكتبة عامة في مدينة روما الى القرن الأول ق.م على أيام يوليوس قيصر و أغسطس ، رغم أن المكتبات الخاصة كانت معروفة بروما منذ القرن الثاني ق.م على الأقل ، و أشهر مثال عائلة اسكبيون الأرستقراطية التي كانت من أسبق البيوت الى اقتناء الكتب .
على أي حال جميع هذه المكتبات القديمة ، و كذلك مكتبات العصور الوسطى من بعدها ، قد هلكت تماما ، و على كثرتها و أهمية عدد كبير منها ، كانت أشهرها جميعا بلا جدال (مكتبة الإسكندرية) ، ليس لكونها أكبرها و أكثرها كتبا طيلة التاريخ القديم فحسب ، و لكن لأنها كانت مرتبطة أيضا بوحد من أهم مراكز البحث العلمي ، و كان يقصدها العلماء من جميع أقطار البحر المتوسط ، و حتى بعد اندثارها مع اضمحلال العالم القديم ، استمرت ذكراها في كتابات مؤلفي العصور الوسطى ، و قد ظل مصيرها و اسلوب اندثارها نقطة نزاع بين دارسي التاريخ الى يومنا هذا ، و لعل السبب وراء هذا الإهتمام الإنساني غير المؤلوف هو أن المكتبة و الموسيون (المركزالعلمي) ، كانا الممثل الرئيسي لحضارة عصرهما ، و الأساس الذي قامت عليه ما يمكن أن نسميه (جامعة الإسكندرية القديمة) التي حملت لواء عالمية البحث العلمي و المعرفة أكثر من سبعة قرون متصلة .
و يرجع الفضل في تأسيس (الموسيون) و مكتبة الإسكندرية الى بطليموس الأول سوتير ، الذي عهد الى المفكر و السياسي الأثيني ديمتريوس الفاليري بمهمة التصميم و التنفيذ ، و قد كانوا يأتون بالكتب لأن الملك البطلمي سوتير وضع ميزانية ضخمة لشراء الكتب الى ديمتريوس و بعدها اشتروا مكتبة أرسطو ، و كانت كل السفن التي تدخل الميناء يأتيها المفتشين و يأخذوا الكتب و ينسخونها اذا لم تكن موجودة في المكتبة بالإضافة الى أن بطلميوس الثالث بعث الى مدينة أثينا و أعطاهم رهن لكي يأخذ المخطوطات القديمة و ينسخها و كان الرهم غالي ، لكنه نسخ الكتب و احتفظ بالأصول و بعث بالكتب المنسوخة الى أثينا .
و لم يأل الملوك البطالمة بعد ذلك جهدا في جلب العلماء الى (الموسيون) و الكتب و المخطوطات الأصلية من جميع أطراف العالم اليوناني ، حتى ليقال ان عدد لفائف البردي التي دونت عليها الكتب قديما بلغ 700,000 و هو قدر لا يستهان به ، فلم تبلغه بعد مكتبات بعض جامعاتنا الحالية ، و لم تقتصر هذه المكتبة على المصنفات اليونانية بل شملت كثيرا من الكتب الغير يونانية ، مثل : المصرية ، العبرية ،
الإثيوبية ، الفينيقية و غيرها .
و اذا كانت المكتبات الحديثة الكبرى في العالم تقوم الآن بتصوير الكتب النادرة و ترسلها لمن يشاء من العلماء ، فقد قامت مكتبة الإسكندرية بمهمة نسخ المخطوطات التي لديها و كانت تبيعها للأفراد في مصر و تصدرها الى مراكز الثقافة اليونانية المختلفة و كذلك الى روما فيما بعد . و بعد بناء معبد السرابيوم في الحي المصري بالإسكندرية ، ألحقت به مكتبة أخرى .
و هكذا أصبح لدى علماء الموسيون مكتبتان حوتا معظم تراث الإنسانية حينئذ ، و أفاد العلماء من هذه الفرص الثقافية الهائلة ، فأقبلوا على الإسكندرية من كل موطن إما للإنضمام الى عضوية الموسيون أو للدراسة و الإفادة من مكتباتها الفنية ، و إذ بأشهر شعراء العصر يجتمعون في الإسكندرية من أمثال : كاليماخس ، ثيوكريتوس،
أبولونيوس الرودوسي ، و قامت بينهم المعارك الأدبية و النقدية المشهورة
(بين القديم و الجديد) ، و أصبح لزاما على كل مثقف في العلم أن يلم بتطور الإنتاج الأدبي في الإسكندرية ، حتى أطلق على الأدب اليوناني بأسره في هذ الحقبة اسم
(الأدب الإسكندري) ، و ذلك لشدة تأثير مدرسة الإسكندرية على الإنتاج الأدبي في العالم في ذلك الوقت ، بما في ذلك أدباء اللاتين في روما الذين كانوا يحاكون نماذج الأدب اليوناني في الإسكندرية .
و لا نبالغ في شيء إذا قلنا إن أسس الدرس الأدبي على أسس علمية قد أرسيت في الإسكندرية أيضا ، فقد توفر علماء الموسيون و المكتبة على نماذج الأدب اليوناني الراقية درسا و بحثا ، يقارنون بين المخطوطات و القراءات المختلفة و كانت لهم جهود قيمة في تحقيق و نشر ملاحم هوميروس و تاريخ هيرودوت و أعمال شعراء أثينا الكبار .
و لم يقتصر نصيب الأسكندرية في بناء الحضارة الإنسانية في ذلك الوقت على الشعر و الأدب بل قامت بها حركة علمية نشطة خطت علوم الرياضة و الهندسة و الفلك و الطبيعة خطوات هائلة ، كانت أسس الحركة العلمية العربية في العصور الوسطى و أسس النهضة العلمية الأوربية الحديثة .
و يكفي أن نذكر أن إقليدس العالم الرياضي و الهندسي ، و أرخميدس صاحب قانون الطفو ، و إراتوسثنيس صاحب المحاولة الكبرى لقياس محيط الكرة الأرضية ، كانوا جميعا من علماء الإسكندرية في العصر البطلمي .
بعد وفاة الإسكندر الأكبر 323ق.م و انقسام امبراطوريته بين قادته الى ممالك مستقلة ، نشأت بينهم منافسة محمومة ، اذ أراد كل واحد منهم ان تكون مملكته هي الأعظم و الأقوى و كذلك الأكثر رقيا في العلم و الثقافة .
و من أبرز من خاض في هذا المضمار ، البطالمة في مصر ، و السلوقيون في سوريا و أسرة أتالوس في برغامون – مملكة برجامة - ، فقد حاولوا تحقيق ذلك السبق في مجال العلم و الثقافة عن طريق تأسيس المكتبات و مراكز البحث العلمي و الجمنازيوم (النوادي الثقافية التي يتعلم فيها الأولاد) في عواصم دولهم ، و هي على الترتيب الإسكندرية ثم انطاكية ثم برغامون .
و تدريجيا وجدنا ظاهرة المكتبة العامة معلما أساسيا في معظم المدن الهلينستية ، كبيرها و صغيرها ، حتى أن مؤرخا مثل (بوليبيوس) في القرن الثاني ق.م افترض وجودها أمرا مؤلوفا ، كما يتضح من عبارته الساخرة : " انه من اليسير على أي شخص أن يكتب بالنقل من الكتب اذا ما قام في مدينة مزودة بوفرة من الوثائق و مكتبة " .
هذا القول يصدق على الشرق الهيلينستي ، أما في غرب البحر المتوسط فقد كان الأمر مختلفا ، جيث تأخر تأسيس مكتبة عامة في مدينة روما الى القرن الأول ق.م على أيام يوليوس قيصر و أغسطس ، رغم أن المكتبات الخاصة كانت معروفة بروما منذ القرن الثاني ق.م على الأقل ، و أشهر مثال عائلة اسكبيون الأرستقراطية التي كانت من أسبق البيوت الى اقتناء الكتب .
على أي حال جميع هذه المكتبات القديمة ، و كذلك مكتبات العصور الوسطى من بعدها ، قد هلكت تماما ، و على كثرتها و أهمية عدد كبير منها ، كانت أشهرها جميعا بلا جدال (مكتبة الإسكندرية) ، ليس لكونها أكبرها و أكثرها كتبا طيلة التاريخ القديم فحسب ، و لكن لأنها كانت مرتبطة أيضا بوحد من أهم مراكز البحث العلمي ، و كان يقصدها العلماء من جميع أقطار البحر المتوسط ، و حتى بعد اندثارها مع اضمحلال العالم القديم ، استمرت ذكراها في كتابات مؤلفي العصور الوسطى ، و قد ظل مصيرها و اسلوب اندثارها نقطة نزاع بين دارسي التاريخ الى يومنا هذا ، و لعل السبب وراء هذا الإهتمام الإنساني غير المؤلوف هو أن المكتبة و الموسيون (المركزالعلمي) ، كانا الممثل الرئيسي لحضارة عصرهما ، و الأساس الذي قامت عليه ما يمكن أن نسميه (جامعة الإسكندرية القديمة) التي حملت لواء عالمية البحث العلمي و المعرفة أكثر من سبعة قرون متصلة .
و يرجع الفضل في تأسيس (الموسيون) و مكتبة الإسكندرية الى بطليموس الأول سوتير ، الذي عهد الى المفكر و السياسي الأثيني ديمتريوس الفاليري بمهمة التصميم و التنفيذ ، و قد كانوا يأتون بالكتب لأن الملك البطلمي سوتير وضع ميزانية ضخمة لشراء الكتب الى ديمتريوس و بعدها اشتروا مكتبة أرسطو ، و كانت كل السفن التي تدخل الميناء يأتيها المفتشين و يأخذوا الكتب و ينسخونها اذا لم تكن موجودة في المكتبة بالإضافة الى أن بطلميوس الثالث بعث الى مدينة أثينا و أعطاهم رهن لكي يأخذ المخطوطات القديمة و ينسخها و كان الرهم غالي ، لكنه نسخ الكتب و احتفظ بالأصول و بعث بالكتب المنسوخة الى أثينا .
و لم يأل الملوك البطالمة بعد ذلك جهدا في جلب العلماء الى (الموسيون) و الكتب و المخطوطات الأصلية من جميع أطراف العالم اليوناني ، حتى ليقال ان عدد لفائف البردي التي دونت عليها الكتب قديما بلغ 700,000 و هو قدر لا يستهان به ، فلم تبلغه بعد مكتبات بعض جامعاتنا الحالية ، و لم تقتصر هذه المكتبة على المصنفات اليونانية بل شملت كثيرا من الكتب الغير يونانية ، مثل : المصرية ، العبرية ،
الإثيوبية ، الفينيقية و غيرها .
و اذا كانت المكتبات الحديثة الكبرى في العالم تقوم الآن بتصوير الكتب النادرة و ترسلها لمن يشاء من العلماء ، فقد قامت مكتبة الإسكندرية بمهمة نسخ المخطوطات التي لديها و كانت تبيعها للأفراد في مصر و تصدرها الى مراكز الثقافة اليونانية المختلفة و كذلك الى روما فيما بعد . و بعد بناء معبد السرابيوم في الحي المصري بالإسكندرية ، ألحقت به مكتبة أخرى .
و هكذا أصبح لدى علماء الموسيون مكتبتان حوتا معظم تراث الإنسانية حينئذ ، و أفاد العلماء من هذه الفرص الثقافية الهائلة ، فأقبلوا على الإسكندرية من كل موطن إما للإنضمام الى عضوية الموسيون أو للدراسة و الإفادة من مكتباتها الفنية ، و إذ بأشهر شعراء العصر يجتمعون في الإسكندرية من أمثال : كاليماخس ، ثيوكريتوس،
أبولونيوس الرودوسي ، و قامت بينهم المعارك الأدبية و النقدية المشهورة
(بين القديم و الجديد) ، و أصبح لزاما على كل مثقف في العلم أن يلم بتطور الإنتاج الأدبي في الإسكندرية ، حتى أطلق على الأدب اليوناني بأسره في هذ الحقبة اسم
(الأدب الإسكندري) ، و ذلك لشدة تأثير مدرسة الإسكندرية على الإنتاج الأدبي في العالم في ذلك الوقت ، بما في ذلك أدباء اللاتين في روما الذين كانوا يحاكون نماذج الأدب اليوناني في الإسكندرية .
و لا نبالغ في شيء إذا قلنا إن أسس الدرس الأدبي على أسس علمية قد أرسيت في الإسكندرية أيضا ، فقد توفر علماء الموسيون و المكتبة على نماذج الأدب اليوناني الراقية درسا و بحثا ، يقارنون بين المخطوطات و القراءات المختلفة و كانت لهم جهود قيمة في تحقيق و نشر ملاحم هوميروس و تاريخ هيرودوت و أعمال شعراء أثينا الكبار .
و لم يقتصر نصيب الأسكندرية في بناء الحضارة الإنسانية في ذلك الوقت على الشعر و الأدب بل قامت بها حركة علمية نشطة خطت علوم الرياضة و الهندسة و الفلك و الطبيعة خطوات هائلة ، كانت أسس الحركة العلمية العربية في العصور الوسطى و أسس النهضة العلمية الأوربية الحديثة .
و يكفي أن نذكر أن إقليدس العالم الرياضي و الهندسي ، و أرخميدس صاحب قانون الطفو ، و إراتوسثنيس صاحب المحاولة الكبرى لقياس محيط الكرة الأرضية ، كانوا جميعا من علماء الإسكندرية في العصر البطلمي .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق