هو الإفراط في حب المال، والاستكثار منه، دون أن يكتفي بقدر محدود. وهو من الصفات الذميمة، والخصال السيئة، الباعثة على ألوان المساوئ والآثام، وحسب الحريص ذما أنه كلما ازداد حرصا ازداد غباء وغما.
وإليك بعض ما ورد في ذمه:
قال الباقر(عليه السلام): (مثل الحريص على الدنيا، مثل دودة القز كلما ازدادت من القز على نفسها لفا، كان أبعد لها من الخروج، حتى تموت)(الوافي ج3 ص 152 عن الكافي).
لذلك قال الشاعر:
يفني البخيل بجمع المال مدته وللحوادث والأيام ما يدع
كدودة القز ما تبنيه يهدمها وغيرها بالذي تبنيه ينتفع
وقال الصادق(عليه السلام): (إن فيما نزل به الوحي من السماء: لو أن لابن آدم واديين، يسلان ذهبا وفضة، لابتغى لهما ثالثا، يابن آدم إنما بطنك بحر من البحور، وواد من الأودية، لا يملأه شيء إلا التراب) (الوافي ج3 ص154 عن من لا يحضره الفقيه).
وقال(عليه السلام): (ما ذئبان ضاريان، في غنم قد فارقها رعاؤها أحدهما في أولها والآخر في أخرها، بأفسد فيها من حب المال(الدنيا خ ل) والشرف في دين المسلم) (مرآة العقول في شرح الكافي للمجلسي(ره) ج2 عن الكافي. ص303).
وقال أمير المؤمنين(عليه السلام) في ضمن وصيته لولده الحسن(عليه السلام): (واعلم يقينا أنك لن تبلغ أملك، ولن تعدو أجلك، وأنك في سبيل من كان قبلك، فخفض في الطلب، وأجمل في المكسب، فإنه رُب طلب، قد جر إلى حرب، فليس كل طالب بمرزوق، ولا كل مجمل بمحروم) (نهج البلاغة).
وقال الحسن بن علي(عليهما السلام):
(هلاك الناس في ثلاث: الكبر. والحرص. والحسد.
فالكبر هلاك الدين وبه لُعن إبليس. . .
والحرص عدو النفس، وبه أخرج آدم من الجنة.
والحسد رائد السوء ومنه قتل قابيل هابيل)(4 كشف الغمة).
مساوئ الحرص
وبديهي أنه متى استبد الحرص بالإنسان، استرقه، وسبب له العناء والشقاء، فلا يهم الحريص، ولا يشبع جشعه إلا استكثار الأموال واكتنازها، دون أن ينتهي إلى حد محدود، فكلما أدرك مأربا طمح إلى آخر، وهكذا يلج به الحرص، تستعبده الأطماع، حتى يوافيه الموت فيغدو ضحية الغناء والخسران.
والحريص أشد الناس جهدا في المال، وأقلهم انتفاعا واستمتاعا به، يشقى بكسبه وادخاره، وسرعان ما يفارقه بالموت، فيهنأ به الوارث، من حيث شقي هو به، وحرم من لذته.
والحرص بعد هذا وذاك، كثيرا ما يزج بصاحبه في مزالق الشبهات والمحرمات والتورط في آثامها، ومشاكلها الأخروية، كما يعيق صاحبه عن أعمال الخير، وكسب المثوبات كصلة الأرحام وإعانة البؤساء والمعوزين، وفي ذلك ضرر بالغ، وحرمان جسيم .
علاج الحرص
وبعد أن عرفنا مساوئ الحرص يحسن بنا أن نعرض مجملا من وسائل علاجه ونصائحه وهي:
1 ـ أن يتذكر الحريص مساوئ الحرص، وغوائله الدينية والدنيوية وأن الدنيا في حلالها حساب، وفي حرامها عقاب، وفي الشبهات عتاب.
2 ـ أن يتأمل ما أسلفناه من فضائل القناعة، ومحسناتها، مستجليا سيرة العظماء الأفذاذ، من الأنبياء والأوصياء والأولياء، في زهدهم في الحياة، وقناعتهم باليسير منها.
3 ـ ترك النظر إلى من يفوقه ثراء ، وتمتعا بزخارف الحياة والنظر إلى من دونه فيها فذلك من دواعي القناعة وكبح جماح الحرص.
4 ـ الاقتصاد المعاشي، فإنه من أهم العوامل، في تخفيف حدة الحرص، إذ الإسراف في الإنفاق يستلزم وفرة المال، والإفراط في كسبه والحرص عليه.
قال الصادق(عليه السلام): (ضمنت لمن أقتصد أن لا يفتقر) (البحار مج15 ج2 ص199 عن الخصال).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق